تعريف التّدخين
إنّ عمليّة التدخين عمليّة يتمّ فيها حرق لمادّة غالباً ما تكون التّبغ، ومن هنا فإنّه يتمّ تذوّق الدّخان أو استنشاقه. كما وتتمّ هذه العمليّة باعتبارها المقام الأول في الممارسة للترّويح عن النّفس، وذلك عن طريق استخدام المخدّر.
إنّ ما يصدر عن هذا الاحتراق هو مادّة ذات فعاليّة مخدّرة مثل النّيكوتين؛ فهذا ما يجعلها متاحةً للامتصاص من خلال الرّئة، وفي بعض الأحيان تتمّ هذه الممارسة كجزء من الطقوس الدينيّة، لكي تحدث حالة من الغفوة والتّنوير الرّوحي. وفي عالمنا تعتبر السّجائر من أكثر الوسائل شيوعاً للتّدخين في عصرنا ووقتنا الرّاهن؛ من حيث صناعة السّجائر يدويّاً أو صناعيّاً، وذلك من التّبغ السّائب وورق لفّ السّجائر.
هناك وسائل كثيرة للتّدخين؛ كالغليون، والسّيجار، والشّيشة، والبونج، والغليون المائي.
كما أنّ التّدخين يعدّ من أكثر المظاهر في شيوعها لاستخدام المخدرات الترويحيّة، وفي الوقت الحاضر، يعتبر تدخين التبغ أكثر أشكال التّدخين شيوعاً حيث أن هناك أكثر من مليار إنسان في جميع المجتمعات البشرية يمارسون عملية التدخين؛ حيث تصنّف أكثر هذه المواد على أنّها مخدّرات صلبة مثل الهيروين والكوكايين الصّلب وهي مواد ذات نسبة استخدام محدودة؛ حيث إنّها غير متوفرة تجاريًا.
يرجع تاريخ التدخين إلى العام 5000 قبل الميلاد، فقد وجدت العديد من الثّقافات المختلفة حول العالم؛ حيث لازم التّدخين قديماً الاحتفالات الدينيّة، وعلى سبيل المثال تقديم القرابين للآلهة، وطقوس التّطهير، أو لتمكين الشّامات والكهنة من تغيير عقولهم لأغراض التكهّن والتّنوير الرّوحي.
انتشر تدخين التّبغ في جميع أنحاء العالم بعد الاكتشاف الذي جاء به الغزو الأوروبي لمناطق مثل الهند وجنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا؛ حيث اندمج تدخين التّبغ مع عمليّات التّدخين الشّائعة في هذه الدول والّتي يعد الحشيش أكثرها شيوعًا.
اعتبر التدخين في أوروبا على أنّه هو الّذي يقدّم النّشاط الاجتماعيّ الجديد، وشكلاً من أشكال تعاطي المخدّرات لم يكن معروفًا من قبل.
كما أنّ الطّرق لفهم التّدخين عبر الزمن تباينت من مكانٍ إلى مكانٍ آخر، من حيث أنّه مقدّس أم فاحش، راقي أم مبتذل، دواء عام أم خطر يهدّد الصحة.
فقد برز في الآونة الأخيرة وبشكل كبير وأساسي في الدول الغربيّة الصناعيّة.
أثبتت كثير من الدراسات الطبية بأنّ التّدخين يعدّ من العوامل الرئيسيّة المسبّبة للعديد من الأمراض مثل: سرطان الرّئة، والنّوبات القلبية، ومن الممكن أن يتسبب أيضًا في حدوث عيوب خلقيّة.
أسباب التدخين
رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بصحة الإنسان والمحافظة على البيئة، والرامية إلى توعية الأفراد من مختلف الفئات والأعمار بالأضرار الصحية والاقتصادية الجسيمة التي يمكن للتدخين أن يتسبب فيها، وما يمكن أن يؤدي التدخين إليه من أمراض خطيرة ومميتة، إلا أننا لا نزال نلمس تفاقم ظاهرةالتدخين في مجتمعاتنا وتزايد أعداد المدخنين من مختلف الأعمار والفئات بين الجنسين ذكورا وإناثا.
وقد يتساءل البعض عن الأسباب الكامنة وراء ممارسة عادة التدخين الخبيثة، والإصرار على عدم الإقلاع عن التدخين، رغم إدراك الجميع لأضرار التدخين ومعاناتهم الشخصية من آثار التدخين السلبية على الصحة والبيئة على حد سواء. ولعل أبرز الأسباب التي يمكن ذكرها في هذا الصدد، تقليد الأبناء لآبائهم المدخنين؛ إذ يرى العديد من الباحثين أن نسبة كبيرة من المدخنين قد اكتسبوا هذه العادة من آبائهم.
كما يمكن أن يكون القرين أو الصديق المدخن سببا رئيسا في اكتساب الفرد لعادةالتدخين السيئة؛ إذ يميل الأفراد إلى تقليد أقرانهم وأصدقائهم في العديد من التصرفات، ومن ذلك التدخين.
بالإضافة إلى ما تقدم، فإن التساهل في تطبيق القوانين الناظمة للاتجار بالسلع ذات العلاقة بالتدخين، مثل السجاير والتبغ وغيرها، يمكن أن يسهل الحصول على الدخان، خاصة من فئة المراهقين وصغار السن؛ وهي الفئة المرشحة أكثر من غيرها للسقوط في فخ عادة التدخين القبيحة. يضاف إلى ذلك عدم وجود قوانين رادعة للحد من التدخين في الأماكن العامة كالجامعات والمدارس ومراكز التسوق ووسائط النقل وغيرها.
ومن الأسباب الجديرة بالذكرأيضا، أن الكثير من المراهقين الذكور يعتقدون أن التدخين هو صفة من صفات الرجولة؛ بل أن البعض منهم يعتقد أن رجولته لن تكتمل إلا بممارسة عادة التدخين!! كما قد ترى بعض المدخنات الإناث أن التدخين هو مظهر من مظاهر التعبير عن الحرية الشخصية، وصورة من صورالتحضر، وخاصة عندما يظهرن في الأماكن العامة أوالحفلات والمناسبات الاجتماعية!!
وقد يدعي فريق ممن ابتلوا بهذه الآفة الخطيرة أن التدخين يساعد في إنجاز الأعمال التي تستدعي قدرا كبيرا من التركيزالذهني؛ كالكتابة والتأليف والمذاكرة والرسم والتلحين وغيرها.فيما قد يدعي آخرون أن التدخين يساعد في التخفيف من ضغط المشكلات التي قد يواجهونها؛ إذ يرى هؤلاء أن التدخين هو أسلوب للتنفيس عن مكنونات النفس أو الكبت والمعاناة جراء موقف مزعج ألم بهم!!
تلك بعض أسباب ممارسة العديد من الأفراد لعادة التدخين التي تؤكد كافة الدراسات العلمية على خطورت التدخين وآثاره السلبية سواء على الصحة أو الاقتصاد أو البيئة. وأمام ظاهرة التدخين الخطيرة فإننا جميعا أفرادا ومؤسسات وحكومات مدعوون اليوم للوقوف صفا واحدا للتصدي لعادة التدخين المقيتة ومحاربتها دون هوادة، بكل ما اوتينا من وسائل النصح والإرشاد والتوعية وسن القوانين وتفعيلها، للحد من آثار التدخين المدمرة وتداعياتها الخطيرة على النفس والمال والمجتمع لكي ننعم جميعا ببيئة نظيفة خالية من التدخين بكافة أشكاله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق